قصص الأنبياء : نبي الله هود عليه السلام
هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام ، ويقال : إن هودا هو عابر بن شالخ بن سام بن نوح ، ذكره ابن جرير ، وكانوا عربا يسكنون الأحقاف ، وهي جبال الرمل ، وكانت باليمن من عمان وشمال حضرموت في شمال الربع الخالي
وموضع بلادهم اليوم رمال ليس بها انيس بعد العمران والنعيم المقيم .
وكانوا كثيرا ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام ، كما قال تعالى :
( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ )
أي عاد إرم . وهم عاد الأولى
عاد الثانية فمتأخرة ، وأما عاد الأولى فهم عاد إرم ذات العماد
ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه السلام : العرب العاربة . وهم قبائل كثيرة منهم ; عاد ، وثمود ، وجرهم ، وطسم ، وجديس ، وأميم ، ومدين ، وعملاق ، وعبيل ، وجاسم ، وقحطان ، وبنو يقطن ، وغيرهم .
وأما العرب المستعربة فهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل ، وكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة ، وكان قد أخذ كلام العرب من جرهم الذين نزلوا عند أمه هاجر بالحرم .
والمقصود أن عادا وهم عاد الأولى كانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان
وكان أصنامهم ثلاثة ، صد ، وصمود ، وهرا . فبعث الله فيهم أخاهم هودا عليه السلام فدعاهم إلى الله
قال الله تعالى :
( وَإِلَىٰ عاد أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قال يَا قوم اعْبُدُوا الله مَا لكم من إِلَٰهٍ غيره أَفَلَا تتقون )
وكان هود عليه السلام ينذر قومة بأس الله
ويضرب لهم مثل قوم نوح وما اصابهم ويذكرهم بنعم الله عليهم اذ زادهم بسطة وجعلهم خلفاء من بعد قوم نوح وبوأهم ارض تدر الخير وأن الواجب عليهم أن يتقوا الله ويتوبوا إليه وأن يستغفروا الله لما فرط منهم في الإشراك بالله وكان هود يبين لهم انه لا يطلب لهم أجرا على نصيحة أو رئاسة يتزعم بها
فسفهوا هودا و كذبوه وتجاهلوا الحجج والبراهين القاطعة التي أقامها على صدقه وقالوا :
( قالوا يَا هود ما جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نحن لك بِمُؤْمِنِينَ )
راجعهم هود بانه ليس. به سفاهة ولكنه رسول من رب العالمين
ليبلغهم رسالة ربهم وزاد قوم هود في تكذيبه وأتهموه في عقله وقالوا :
( قال يَا قوم ليس بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ )
وقالوا : أننا لا نقول الا أنك لما عبت آلهتنا وحاولت صرفنا عن عبادتها قد اعتراك بعضها بسوء فألحق الخبال والجنون !
( إِن نقول إِلَّا اعتراك بعض آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ۗ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ )
سمع هود ذلك فأشهد الله تعالى وأشهدتهم أنه برئ من تلك الآلهة التي يزعمون لها القدرة على أن تمسه بسوء وتحداهم وآلهتهم أن يكيدوا بذلك .
وأعلمهم هود عليه السلام بأنهم إذا تولوا معرضين عن قوله ولَم يستمعوا لنصيحته فإنه قد قام بواجبه الذي كلف به من ربه وأن الله تعالى سيبيدهم ويستخلف قوماً غيرهم وأن هذا لا يضر الله شيئا .
ولَم يزل هو يمحضهم النصح ويعلمهم أنه ناصح لهم وراجعه قومه مما يطلبه منهم من عبادة الله وحده
وترك ما وجدوا آباءهم يعبدونه من الأصنام اذ في ذلك تحقير للآباء وامتهانهم برميهم بالكفر وفيه أيضاً تحقير أوليائهم وشفعائهم عند الله بترك الوجه بهم اليه تعالى ثم قالوا له :
( قالوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عن آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بما تَعِدُنَا إِن كنت من الصادقين )
وقال لهم هود :
(إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )
حينئذ أنذرهم هود بأن الله تعالى سيحل بهم عذاب قريب :
( قال قد وقع عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وغضب )
ثم قال لهم هود :
( فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم من الْمُنتَظِرِينَ )
فلما عتا قوم هود على ربهم وعصوا رسوله و كذبوه وجحدوا بآيات الله التي أقامها هود على صدقة في أنه مرسل من ربه وأتبعوا أمر كل جبار عنيد من ملأ قومه ولَم تبق فائدة في إنذارهم ..
( فَأَرْسَلْنَا عليهم رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ )
أحل الله تعالى بهم نقمته في الدنيا بأن أمسك الله عنهم المطر حتى جهدوا وكان كلما نزل بهم الجهد ذكرهم هود بدعوته وأنه لا ينجيهم من البلاء سوى الاستماع له والعمل بنصائحه فكان ذلك يزيدهم عتوا الى أن أرسل الله عليهم الريح العقيم سلطها عليهم سبع ليالي وثمانية أيام حسوما
فأهلكهم الله وأبادهم وصارت أجسامهم كأنها أعجاز نخل منعقره وأتبعوا في هذه الدنيا لعنه وعذاب يوم القيامة
ونجى الله هودا والذين آمنوا معه برحمته من ذلك العذاب الغليظ
( وأما عا
د فأهْلِكوا بريح صَرْصَرٍ عاتية )